ما الذي يريده “المخماخ”؟ وهل سينجح بمفرده في تغيير الواقع والقضاء على الغلاء؟
عندما يصبح الغلاء عادة، والشطط في الأسعار حدثا عابرا، وتجاوز القوانين والأعراف أمرا محمودا، يصبح لزاما على من يرى في نفسه القدرة على انتقاد هذه الظواهر، الظهور ومخاطبة متابعيه بالأسلوب القادر على إيصال الرسالة بدون سب ولا شتم ولا تجريح.
كانت هذه عقيدة برنامج وصفحة “المخماخ” ولاتزال، تقديم صورة جميلة عن المطبخ التونسي، وانتقاد بعض الظواهر التي صارت تؤرق فئة واسعة من التونسيين الذين باتوا غير قادرين على توفير أبسط متطلبات العيش الكريم في مناطق متفرقة من البلاد التونسية.
ليس “المخماخ” مجرّد عرض للأطباق التونسية أو الغربية، بل هو فكرة وُلِدت من رحم الخبرة والتجربة التي تمتع بها مقدّم البرنامج طوال مسيرته غير الاحترافية في عالم التمخميخ، ولا يقتصر هذا العالم على الأكل والتلذذ بالأطباق الحلوة والمالحة، بل يمتدّ للغوص في ثنايا وأسعار المكونات الأساسية والفرعية لكل ما له علاقة بعالم الغاسترونوميا.
في الإعلام، هنالك نوعين من الصحافة، الأولى جادة والثانية ساخرة، انتشرت الأولى بشكل واسع في تونس، ولكن الثانية شبه غائبة عن المشهد الإعلامي رغم محاولات إحيائها خلال الأعوام الثلاثة التي أعقبت انتفاضة 14 من جانفي 2011.
اختارت صفحة “المخماخ” أن تنتقل بين هذين النوعين من الصحافة بهدف إيصال الرسالة بأسلوب سلسل للمتلقي، فكانت المنشورات التثقيفية والفيديوهات المتنوعة التي تعرّف المتلقي بأبرز المطاعم في تونس وطريقة تحضير بعض الوصفات الخاصة، كما كان هنالك منشورات نقدية للغلاء المشط في أسعار بعض أنواع الحلويات عند عدد من العلامات المعروفة في تونس.
انقسم المتابعون لـ”المخماخ”، لقسمين، كان السواد الأعظم مؤيّدا لهذا التوجه، لكن أصواتا أخرى كانت معارضة ورافضة له، ولكلى الفريقين أسبابهما، ولكن نريد أن نوضّح للجميع شيئا واحدا، أننا سنخصص جزءا كبيرا من المواد المنشورة على موقعنا “الموندو” وعلى صفحاتنا الاجتماعية، لنقد ظاهرة الغلاء المشط في عديد المواد الحياتية الضرورية والكمالية، في إطار حقنا كمؤسسة إعلامية في التعبير عن آرائنا في كنف الحرية وفي إطار احترام أخلاقيات المهنة الصحفية، مع علمنا تمام العلم، أننا لن نغيّر الواقع، ولكن كفانا شرف المحاولة، وكما قال شاعر تونس الراحل أبو القاسم الشابي: