محامية تونسية تتحدّث عن قضايا الطلاق وتبعاته في تونس وتوجّه نصائح هامة جدا للأزواج
يحاور موقع “الموندو” الأستاذة نجوى الصفاقسي، المحامية لدى التعقيب، للإجابة عن أبرز التساؤلات المتعلّقة بموضوع الطلاق في تونس، وفيما يلي نصّ الحوار كاملا:
حوار شمس الدين النقاز
ما الطلاق؟
وفق الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية، فإن هنالك 3 أنواع من الطلاق في القانون التونسي:
-الطلاق برغبة خاصة إذا كانت الزوجة متقدّمة بالطلاق.
-الطلاق بإرادة منفردة من الزوج ويسمى بالطلاق بالإنشاء.
-الطلاق بموجب الضرر إن ثبت حصول ضرر للزوجة أو الزوج، ويسمى بالطلاق للضرر وحينها يمكن الالتجاء إلى القضاء وتقديم قضية في الطلاق بموجب الضرر.
وإذا ارتأى الزوجان فك العلاقة الزوجية بينهما فإنهما يختاران أسهل طريقة للطلاق وهي الطلاق بالتراضي وهذا الطلاق في بلادنا يختاره الزوجان اللذان لا يملكان أطفالا أو المتفقان على فك هذه العلاقة.
لذا، فإن:
1- الطلاق بالتراضي: هو اختيار الزوجين إنهاء العلاقة الزوجين بينهما بالتقدم إلى المحكمة بمفردهما، أوعن طريق محام، وتكون الإجراءات عن طريق محامي أسهل حيث يقوم الأخير بنشر القضية والتوجه إلى قضاء الأسرة وإذا ما كان هناك أطفال يقع اتخاذ القرارات والتدابير التي من شأنها حماية القُصّر إن وجدوا.
ويتّفق الزوجان غالبا على جميع القرارات المتعلقة بالأطفال من حضانة، منحة سكن في غياب السكن العائلي، وبعض القرارات الفورية المتعلقة بالاستصحاب أو زيارة أحد الزوجين الذي يكون الأب غالبا، ثم يتم تدوين هذه الاتفاقات أمام قاضي الأسرة وتكون هناك إما جلسات صلحية وهي 3 في صورة وجود أطفال وإلا جلسة واحدة تكفي في صورة عدم وجودهم.
ثم تكون هناك جلسة حكمية لتنظُر المحكمة في مسألة الطلاق والفروع المتعلقة به، وهذا الطلاق غالبا لا يأخذ فترة طويلة لكونه متفقا عليه بين الطرفين الذين عبّرا عن آرائهم في جميع الفروع المتعلقة بالطلاق وليس على المحكمة سوى مباركة هذا الطلاق وإصدار حكم بإيقاع الطلاق والمصادقة على القرار الفوري.
2- طلاق الإنشاء: هو قيام أحد الزوجين بطلب الطلاق بإرادة منفردة، وإيقاف العلاقة الزوجية بدون ذكر الأسباب.
ووفق القانون التونسي، فإن اختيار أحد الزوجين هذا الطلاق يعدّ تعسّفا وإلحاقا للضرر بالطرف المقابل، وفي هذه الحالة فإن القانون يحمي الطرف المقابل من خلال صرف غرامات وتسمى غرامة الطلاق التعسفي، وبالنسبة للزوج فإن غرامة الضرر تكون معنوية أما بالنسبة للزوجة فتكون معنوية ومادية.
لذا فإن فواجب الإنفاق محمول على رب العائلة وهو الزوج حيث أن الزوجة تفقد السند المادي بهذا الطلاق ويخوّل لها القانون طلب تعويض هذا الضرر المادي إما بشكل جراية عمرية تدفع لها شهريا أي النفقة أو طلب جراية بشكل رأس مال يدفع مرة واحدة.
3- الطلاق للضرر: يتضمن عديد الصعوبات، حيث يجب خلاله إيقاع إثبات الضرر الحاصل للقرين والذي على أساسه ارتأى أحد الزوجان اللجوء للقضاء للتظلم من هذا الضرر وطلب الطلاق. وفي هذه الحالة عكس الحالة الأولى، الثابت عليه الضرر يدفع غرامة الضرر المعنوي للمتظلم القائم بالدعوة.
إن ثبت الضرر وتأكدت المحكمة من ذلك فإنها تحكم بإيقاع الطلاق بين الزوجين وتسلط على القائم بهذا الضرر أن يدفع لقرينه غرامة الضرر المعنوي والمادي.
غالبا مسألة الطلاق أصبحت مسألة كبيرة حيث تشهد المحاكم طلب طلاق بطريقة مهولة إذ أصبحت لدينا نسب كبيرة من الطلاق. فالمحكمة الابتدائية بسوسة وصلت إلى أكثر من 75 قضية وتفرعت عليها قضايا إثبات نسب وقضايا في العنف.
هذه قضايا اجتماعية كبيرة نحاول تقليص الخلافات العائلية، فنحن كمحامين نقوم بجلسات صلحية ونتوصل إلى حل قبل اللجوء للقضاء إن كانت المسألة بسيطة ويمكن تجاوزها الزوجان. فنحن لا نوصل الملف إلى المحكمة إلا عندما يكون كاملا وفقدت فيه جميع بوادر الصلح بين الزوجين.
ما أطوار التقاضي؟
قرار الطلاق ليس سهلا أو متعلق بشخص في حد ذاته خاصة في وجود أسرة. أي إنسان يلجأ إلى القضاء في وجود أسرة سيقع تحطيمها أو تشتيتها.
فالطلاق من أصعب القرارات التي يتخذها الشخص حين التوجه إلينا كلسان دفاع، وعندما نجد أطفالا قصر تصعب علينا المهمة.
أولا يعرض الحريف علينا مسألة الطلاق ونحن ننصحه حول نوعية الطلاق الذي سيرفعه، وفي صورة غياب الانسجام والتوافق بالتراضي في الطلاق، نقوم بملئ عريضة دعوى ويقع تحديد جلسة صلحية أمام القاضي الصلحي مع التنسيق.
هناك قضايا صلحية أمام قاضي الأسرة، نقوم بتعمير الوثائق الضرورية وهي الصداق والمضامين التي تثبت وجود علاقة زوجية ونقدم استدعاء طلاق للطرف الآخر ونعيّن له جلسة ونرسل له استدعاء للمحكمة.
وتكون الجلسة غالبا أمام قاضي الأسرة الذي سيتخذ القرار، وفي حالة وجود أطفال فإن المحكمة تتدخل لوجود قاصر، فالقاصر له الحق في نفقة ومكان يؤويه، إما أن يكون له منحة سكن أو إبقاءه في محل الزوجية والأم لها الحق في حضانته والأب له الحق في استصحابه ويسمى حق الزيارة إذا كان القاصر فوق 4 سنوات.
وأما إن كان أقل من 4 سنوات فإنه من الصعب أن تأذن المحكمة بالاستصحاب ذلك أن الوضعية الجسمانية للطفل لا تخول ذلك وللمحكمة السلطة التقديرية.
وعند استيفاء الجلسات الصلحية وهي قانونيا 3 جلسات، بين الجلسة والجلسة شهر، تصرف المحكمة عليه قضايا حكمية ويقع تبادل التقارير وكل محامي يدافع على حريفه ويبين أسباب التجاءه للقضاء ويبين أسباب اختيار ذلك النوع من الطلاق ثم تحجز المحكمة الملف لديها للمفاوضة والتصريح بالحكم وتصدر حكمها.
هذا الحكم يكون قابلا للاستئناف شهرا بعد صدوره، وإن لم يقع ذلك، فإنه يقع إدراج الحكم في مضامين الولادة وفي دفاتر الحالة المدنية وذلك لإشهار الطلاق.
وفي صورة ما إذا تم الاستئناف في ظرف شهر فإن المحكمة تطلب الملف ويقع نقل القضية برمتها إلى محكمة الاستئناف لتنظر فيها من جديد وتصدر حكمها بعد المفاوضة والتصريح، وهذا الحكم بدوره خاضع للتعقيب في أجل شهر من صدوره.
الأحكام الابتدائية إن لم يقع الطعن فيها بالاستئناف فيها هي أحكام نهائية، وإن وقع الطعن بالاستئناف علينا الانتظار شهرا للنظر إن تم الطعن بالتعقيب أم لا وإن لم يتم ذلك فإنه الحكم النهائي يقع إصداره وإشهاره في مضامين الولادة والحالة المدنية للطرفين.
إن إجراءات التقاضي مرتبطة بحق الطرفين في الدفاع، وإن رأت المحكمة أن هناك دفوعات جوهرية يصيغها محامي أي طرف فله الحق في الدعوى والنظر في الرد.
وعندما تقع الإجابة على جميع الردود بعد المسك في جلسة المفاوضة ويكون الملف جاهزا للبت، لن تأخر المحكمة القضية لعام أو عامين بدون موجب، فمن الضروري أن يكون هناك دافع قانوني معقول وسبب وجيه وللمحكمة سلطة البت في المواضيع، وإن رأت المحكمة أنه جاهز فإنها تصرح بالحكم بعد القيام بالمفاوضات.
ما المدّة التي يستغرقها البت في القضايا؟
مسألة مدة البت في القضايا مرتبطة بالوثائق التي يقدمها الطرفان، فليس من مصلحة المحكمة تراكم الملفات.
إن تراكم الملفّات في المحاكم ليس بسبب بطئ التقاضي وإنما بسبب كثرة المشاكل في المجتمع، فلدينا نسبة قضايا كبيرة في المحكمة وليس من مصلحة المحكمة ترك القضايا تطول وليس من مصلحة لسان الدفاع كذلك، لكن في بعض الأحيان وضعية الملف تستدعي ذلك.
إن قضية الطلاق بموجب الضرر يمكن أن تبقى سنتين أو أكثر، فبعد استيفاء جميع مراحل القضية، للمحكمة سلطة إحالة الملف للتأمل لمدة شهرين بالقانون، هذان الشهران يمكن أن يكونا في فترة العطلة القضائية من 15 جويلية إلى 15 سبتمبر.
أما بالنسبة للطلاق بالتراضي فهو من أقصر القضايا، ويمكن أن يبقى فقط 6 أو 7 أشهر ويمكن 3 أو 4 أشهر مع مراعاة الآجال لأن لدينا 21 يوما كأجل للاستدعاء وشهر أجل للجلسة الصلحية.
لا يمكن تحديد مدة نشر القضية لدى المحاكم، فلا المحامي ولا المحكمة يمكنهما تحديد ذلك، فبعد النطق بحكم محكمة الاستئناف، لنا جلسة وهي مرتبطة بأن يكون الحكم جاهزا فمن الممكن تحديد جلسة في شهر أو حتى 6 أشهرن ولا يمكننا الحكم في هذه المدة الزمنية، لا من المحامي ولا من القضاء.
فهناك أمور إدارية مرتبطة بكتابة المحاكم وبطلب الملف، وتجهيز الحكم ورقنه، وعندما يكون الملف الابتدائي حاضرا نتوجه إلى محكمة الاستئناف التي تحدد موعد الجلسة وتُعلم لسان الدفاع بتاريخ الدفاع من خلال رسالة.
بالسرعة القصوى غالبا لا تقل المدة عن 3 أشهر أو أكثر، وهذه المسألة مرتبطة بكثرة القضايا الموجودة على رفوف المحكمة الابتدائية والاستئنافية.