ما لم يخبروك به عن آية الله الخميني..”صديق” أمريكا وصدّام الذي انقلب عليهم بعد حكم إيران
اسمه الحقيقي روح الله بن مصطفى الموسوي الخميني، ولد في 24 سبتمبر عام 1902 في مدينة خُمَيْن بإيران، ليلقّب فيما بعد بآية الله وفق ما يمليه المذهب الجعفري، أحد مذاهب الشيعة الاثني عشرية، وهو لقب علمي يطلق على من يبلغ درجة الاجتهاد والتضلّع في الفقه الإسلامي.
وبإمكان من يتحصل على هذا اللقب استخراج الأحكام الشرعية وإصدار الفتاوي، وهو ما يفسّر إصداره لأكثر من 40 كتابا وضع فيها رؤيته ومجموعة فتاويه في الشريعة الإسلامية.
معارضة الشاه بهلوي
لم تكن معارضته لنظام الشاه محمد رضا بهلوي مجانية، فآية الله لم يتقبّل محاولات الشاه لسنّ قوانين تتعارض مع الإسلام حسب تفسيره على غرار حق المرأة في الانتخاب.
لقيت خطابات الخميني صدى واسعا لدى أنصاره وأقلقت راحة نظام بهلوي الذي سجنه ونكّل به، ليصل الأمر بينهما إلى طريق مسدود عام 1964، بعد أن سنّ الشاه قانونا يمنح نوعا من الحصانة للقوات الأمريكية على الأراضي الإيرانية، ليأمر حاكم طهران الأسبق بنفيه من البلاد.
14 عاما قضاها الإمام الشيعي في المنفى، وبعد سنة أمضاها منفيّا في مدينة بورصا التركية، تمكّن الزعيم الشيعي من اللقاء بعدد من أنصاره مرة أخرى غير بعيد عن إيران وتحديدا في مدينة النجف العراقية، حيث آواه الرئيس العراقي صدام حسين لنحو 13 عاما.
مدّة لم تكن كافية للإمام الشيعي لإعلان ولائه للنظام البعثي لكنها شهدت أوج تحريضه لأنصاره في إيران للقيام بثورة، فتوجه إلى فرنسا أين قضّى آخر أيام المنفى قبل أن يعود إلى إيران من الباب الكبير.
قائد للثورة الإيرانية
عاد كرمز للثورة الإيرانية على نظام الشاه محمد رضا بهلوي، ليؤسس جمهورية إيران الإسلامية ويصبح مرشدا أعلى لها.
كان الخميني في نظر الكثيرين القائد المختار والزعيم المُخلص لكن التاريخ أبى أن يؤكد ذلك، حيث اتضح لاحقا أن رجوع آية الله إلى إيران كان بتدبير الولايات المتحدة الأمريكية.
لعب الخميني ورقة مكّنته من كسب ثقة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، حيث كشفت وثائق أمريكية رفعت عنها السرية اتصال المعارض المنفي بإدارة كارتر لمنع الجيش الإيراني من القيام بانقلاب عسكري إبّان الثورة، مقابل طمأنته للبيت الأبيض بخصوص طموحات الأمريكان النفطية في إيران، قائلا في رسالته إنه “لا ينبغي أن يكون هناك خوف على النفط، ليس صحيحا أننا لن نبيع للولايات المتحدة”.
تطمينات الخميني للأمريكان لم تكن إلا حبرا على ورق، ففور وصوله للسلطة ومسكه بزمام القيادة العليا، لم يستطع الخميني تذكّر وعوده بوضوح، وقد تجسّد ذلك فيما سمّي بأزمة الرهائن.
توتّر على كل الجبهات
فبعد 7 أشهر على فرار الشاه الأخير، اقتحم طلبة إيرانيون السفارة الأمريكية وقاموا بالسيطرة عليها، وتمّ احتجاز 52 فردا بين دبلوماسيين وموظفين لمدة 444 يوما للمطالبة بتسليم الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان يتلقى العلاج في الولايات المتحدة.
كانت حادثة السفارة مدعومة من طرف الخميني، وفشلت إثرها كل محاولات استرجاع الرهائن بالرغم من تدخل القوات الخاصة الأمريكية، لكن وفور تولي رونالد ريغان الرئاسة في الولايات المتحدة تمكن الطرفان من تسوية الوضع بوساطة جزائرية.
أدت تلك الحادثة إلى انقطاع العلاقات بين البلدين وتوترها إلى اليوم، توتّر مع الولايات المتحدة قابله توتر على الحدود مع من آوى الخميني قبل سنوات قليلة من تولّيه السلطة، مع صدام حسين التكريتي.
توتر في العلاقات سرعان ما تجسد على أرض الواقع، ففي شهر سبتمبر عام 1980 كانت بداية قادسية صدام أو ما يعرف بحرب الخليج الأولى، حرب دامت 8 سنوت لتكون بذلك أطول نزاع عسكري في القرن العشرين، خلّفت وراءها نحو مليون قتيل وخسائر مالية قدّرت بـ 400 مليار دولار، حرب استنزفت البلدين إلى حين اتفاق أفضى إلى وقف إطلاق النار.
سياسة روح الله الخميني الداخلية لم تكن أفضل حالا من سياسته الخارجية، نظام حكم مستبدّ نتج عنه تصفية منهجية وواسعة النطاق، استهدفت معارضين سياسيين حسب تحقيق للأمم المتحدة، حيث توصّلت محكمة العدل الدولية في لاهاي إلى أن نظام المرشد الأعلى كان قد ارتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على غرار التعذيب، والإعدام خارج نطاق القضاء، والسجن العشوائي والعنف الجنسي، حيث يُعتقد أن ما يصل إلى 20 ألف شخص قُتلوا في السجون الإيرانية خلال الثمانينات معظمهم من الشباب.