زعيم كوريا الشمالية وعاشق الأسلحة النووية.. إليك كلّ ما تريد معرفته عن كيم جونغ أون
شمس الدين النقاز- قارنته الأمم المتحدة بهتلر وأمر بإعدام زوج عمته، قتل أخاه بعد أن رفض العودةَ خوفا بطشه، وأعدم رجلا بسبب سُلحفاة، هَوَسُهُ بأسلحة الدمار الشامل مخيف، وله صواريخٌ قادرة على الوصول لأي نقطة في العالم، تاريخ ميلاده محل جدل، ونشأته كانت سرية هذا هو كيم جونغ أون الملقّب بفتى الدمارِ الشاملِ المجنونْ عند البعض.
اختلفت المصادر بخصوص تاريخ ولادته، ومن المرجحِ أنه ولد عام 1983 أو 1984، لكن النظامَ الكوري يفيد بأنه ولد عام 1982.
اختيارُ التاريخِ ليس عَشوائيا، فهو يتزامنُ مع ذكرى ميلاد جده كيم إيل سونغ المولودِ عام 1912، بينما وُلد والده كيم جونغ إيل عام 1942، وبذلك تكتملُ أسطورةُ السلالةِ الحاكمة.
قضى كيم جونغ أون معظمَ طفولته في منزل العائلة يحيطُ به حرّاسٌ شخصيون، ولم تمنعهُ هذه الحماية المشدّدة من السفر من وقت لآخر،حيث استخدم هو ووالدته هويةً مزورةً وجوازاتَ سفر برازيلية للذهاب إلى ديزني لاند في طوكيو.
طريقةٌ مماثِلة اعتمدها الزعيمُ الكوري لتمكينه من الذهاب للدراسة في سويسرا، فقد هويّةٌ مزورة بطلُها بارك أون واسمٌ وهمي تخفّى به كيم في مدرسة بارن السويسرية، قبل أن يعود إلى قصر بيونغ يانج عام 2000، أين تلقى تدريبا عسكريا مكثّفا تمهيدا لتسلُّم مفاتيحِ البلاد، ليُصبح في 17 من ديسمبر عام 2011 القائد الأعلى لكوريا الشمالية.
فكيف أصبحت كوريا الشمالية تحت حكم كيم؟
فترةُ حكْمٍ ظلامية دخلت فيها البلاد، استبدادٌ مخيفٌ واحترامٌ منعدِمٌ لأبسطِ اتفاقيات حقوق الإنسان، وسياسةٌ داخليّةٌ بعناوينَ مُختلِفة، تجويعٌ وتعذيب وسلبُ الحقِّ في التنقل وممارسةِ الطقوس الدينية بالإضافة لتشغيلُ الأطفال في ظروفٌ قاسية في السجونِ والمُعتقلات.
انتهاكاتٌ خطيرة نددت بها المنظمات الدولية وقارنتها الأممُ المتحِدة بجرائم الرايخ الثالث بقيادة هتلر، وتجاوُزاتِ جنوبِ إفريقيا خلال الفصل العنصري.
الدكتاتور العظيمُ يضعُ يده على أي مصدر إزعاج ممكن، حتى أن الاتصال بالإنترنت غيرُ مسموحٍ به في كوريا الشمالية، حيث أن عددا قليلا من المسؤولين الحكوميين فقط قادرون على الدخول إلى شبكة الإنترنت، ولا يكونُ ذلك إلا من خلال اتصال سري مُستأجَرٍ من الصين.
يسلِّطُ كيم نظاما عاليَ الصرامة في التعامل مع حرية البحث عن المعلومات واستقبالِ وتوزيعِ الأفكار، ويعمل كل ما بوسعه من أجل الحفاظ على المركز الأخير في تصنيف حرية الصحافة على مستوى العالم.
ليس هذا فحسب، فتأكيدُ دستورِ كوريا الشمالية على الحقوق الأساسية للمواطنين ظلّ حبرا على ورق، حيث يتنافى حُكْمُ الأمرِ الواقع تماماً مع حرية الخطابِ والصحافةِ والتجمعِ والتظاهُرْ، حيث أن جميع وسائل الإعلام تملِكُها وتُسيْطِرُ عليها حكومةُ كوريا الشمالية بشكل صارم، كما أن وكالة الأنباء المركزية الكورية هي المصدرُ الوحيد للأخبار.
تخصص الوِكالة جزءا كبيرا من مواردها ووقتها للدعوة والترويج لشخصية كيم جونغ أون، في المقابل فإن وسائل الإعلام الأجنبية غيرُ مرحَّبٍ بها وغالبًا ما تُستخدمُ ككبشِ فداء من قِبل وسائل الإعلام المحلية، كما أن أجهزةُ الراديو والتلفزيون مُعَدّةٌ مُسبقا لاستقبالِ ترددات القنوات الحكومية فقط، وتختِمُ بتحذيرٍ يمنعُ العبثَ بالمعدات.
يُعتبرُ التلاعبُ بالأجهزةِ لاستقبال موجاتِ بثٍّ إذاعي أو تلفزيوني خارجي جريمةً جِنائيةً خطيرة، ويؤدي عدمُ اتباعُ الإرشاداتِ الصارمة إلى السجن أو العمل الجبري أو حتى الموت.
أثارت انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية القلق العالمي، ويشتهر نظامُ كيم جونغ أون بالتعذيبِ والاخفاءِ الغامض والعُنف الجنسي وفي حالات كثيرة الإعدام.
الإعدامُ لكلِّ من يُقلقُ راحة الزعيم الشّكّاك
الإعدام، هو عقوبةٌ لم يتوان كيم عن اعتمادِهَا منذُ تولّيهِ السلطةَ ولم تكن قراراتُ التنفيذ راجعةً بالضرورة إلى حكمٍ قضائي كما طالت أفرادَ عائِلته، ففي 12 من ديسمبر 2013، أمر كيم بإعدام زوج عمته جانغ سونغ تايك، الرجُلِ الأول في الدولة بعد الزعيم، إثر فصله من منصِبهِ وحجب ظهورهِ الإعلامي وطرده من حزب العمّال الحاكم بسبب اتهامِه بالخيانةِ والطموحِ السياسي وارتكابِ أعمالٍ معاديةٍ للثورة الاشتراكية، كما تم إعدامُ كبارِ مساعديه بتُهَمٍ مُشابِهة قبله.
عجّلت هواجس الشكّ في الولاء، والخوفِ من أدنى شرارات توتُّرِ الأوضاع أو ظهور منافس في المشهدِ السياسي بإعدام ما لا يقِلُّ عن 20 مسؤولاً وقيادات عليا ووزراء، حتى أن موت صِغار السلاحف يمكن أن يكون سببا كافيا لتنفيذ عقوبة الإعدام بالنسبة للزعيم الكوري.
ففي العام 2015، أدى كيم زيارةً لحوض تربية سلاحف، ليجد الزواحف الصغيرة قد نفَقَتْ، ورغم تفسير المسؤول حدوثَ ذلك بالانقطاع المتكرِّرِ للتيارِ الكهربائي في البلاد ونَقصِ الإمدادات الغذائية الكافِية الشيء الذي أثار سخط القائد، فقد كانت النتيجة الإعدامَ رمياً بالرصاص.
تاريخ ملطّخٌ بالدماء يكتُبه رجلُ بيونغ يانج بجُنونِه، أكثر من 300 حالةِ إعدامٍ تمّت منذ تولّيهِ القيادة، اختلفت طرق تنفيذها ووصلت لاستعمال مدفع مضاد للطائرات، كما حدث مع وزير الدفاع السابق هيون يونج تشول في شهر ماي/مايو 2015 في إحدى المدارس العسكرية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل الأمر بكيم جونغ أون أيضا لاغتيال أخيه غير الشقيق كيم جونغ نام بواسطة سم سريع المفعول بسبب انتقاد الأخير لنظام كوريا الشمالية وانشقاقه عن الأسرة، وقد حدث ذلك في 13 من فيفري/فبراير في مطار كوالالمبور الدولي بالعاصمة الماليزية.
فبينما كان نام ينتظر في المطار طائرته المتجهة إلى ماكاو في الصين، جاءت امرأة وغطت وجهه بقطعة من القماش ملوثة بسائل أدت إلى حرق عينيه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
ليس كل ما تسمعه عن مجنون كوريا الشمالية حقيقة، فالإشاعات تحاصر الرجل عن يمينه وعن شماله، وأخبار الزعيم حتى وإن كانت مضلّلة تحظى بانتشار واسع عالميا، ففي العام 2013، زعمت تقارير صحفيةٌ أن الزعيم الكوري قام بإعدامِ عشيقتهِ المُغنية يون سونغ وول، بسبب انتشار أخبارٍ غير مؤكدة عن تصويرها لأفلام إباحية وبيعِها للصين، لكن الفنانةَ الكورية ظهرت بعد ذلك في عدّةِ مناسبات رسمية على غرار الألعابِ الأولمبية الشِتوية في العاصمة الكورية الجنوبية سيول عام 2018، لذلك يجبُ التعامُلُ بحذرٍ شديد مع التقارير الخاصة بمطبخ كيم جونغ أون الداخلي، لقلة المصادر وسرية ما يحدث خلف أسوار كوريا الشمالية.
شغفٌ كبير بأسلحة الدمار الشامل
الخليفة العظيم كما يسمّيهِ الإعلامُ الكوريُّ الشمالي لم يحرم العالم كذلك من شغبه وجنونه، فتَحْتَ قِيادتِه، تعملُ البلادُ على تسريعِ سباقِ التسلُّح النووي وإجراء تجارب نووية مكثّفة لتظهر بها كوريا نفسها على نحو متزايد بلا رحمة في العلاقات الدولية.
خُطُوات مفاجئة يُقدم عليها كيم جونغ أون في تعامُلِه مع الدولِ المجاوِرة والقوى الدّولية، ولا يُعْرَفُ إن كانت أعراضَ اضطرابٍ عقلي أم عبقريةً ودهاءً؟
ففي القمة التاريخية التي جمعت كيم ونظيره الكوري الجنوبي مون جاي إن عام 2018، أعلن الرجلان العملَ على جعل شبه جزيرة كوريا خالية من الأسلحة النووية، كما أُبرِمَتْ معاهدةُ سلامٍ لإنهاء الحرب الكورية رسميا، وقد أعقب هذا اللقاء اجتماعٌ آخر مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب في المنطقة منزوعة السلاح.
أسبابُ اللقاءِ كانت التخوفَ الدولي من البرنامج النووي لكوريا الشمالية، خاصة وأن بيونغ يان أطلقت صاروخا عابرا للقارات في 2017، يُعتَبَرُ الأكثر تطوراً على الإطلاق ويصل مداهُ إلى الولايات المتحدة، وهو صاروخٌ جديد يُعرفُ باسم هواسونغ 15 ويصل مداه الأقصى إلى 13 ألف كيلومتر.
تقول كوريا الشمالية إن هذا الصاروخَ العابرَ للقاراتِ هو الأكثرُ قوّة على الإطلاق حتى الآن، ويحمل رأساً حربياً كبيراً قادراً على ضربِ أي نقطة بالولايات المتحدة، كما زعمت تقارير محلية قيام كيم بتجارب لقنبلة هيدروجينية في العام ألفين وخمسة عشر أدّت إلى زلزال بقوة 5,1 على مقياس ريختر.
هذه اللقاءات الأخيرة بين كيم وجاي وترمب لم تثمر إراحة العالم من تجارب كوريا الصاروخية سوى لعام واحد، فهوسُه بأسلحة الدمار الشامل مخيف، حيث عاد بركان كيم للنشاط من جديد أواخر العام 2019، حيث لم يرض القائد الأول لكوريا بأقل من 22 إطلاقا لصواريخ بالستية قصيرة ومتوسطة المدى، الخطوة التي اعتبرتها واشنطن أكثر من استفزازية بسبب خرق الالتزام بالمفاوضات النووية، وتجاربُ تأتي رغم العقوبات الدولية القاسية التي تفرضها الولايات المتحدة على بيونغ يانج.
عقوباتٌ تهدف لتضييق الخناقِ على اقتصاد كوريا الشمالية الضعيف أصلا وإمداداتِها من الوقود، وحصار كلّي شمِل كلّ أشكالِ المبادلاتِ البحرية مع 9 دول وعشرات الشركات، إلا أن خليفة كيم جونغ إل لا يأبه بهذه الضغوطات لأن أولويته التسلّحَ والتطوُّرَ العسكري، ما يجعل المجتمع الدولي مترقبا ومتأهبا إزاء ما يُمكن أن يكون في جعبة كيم جونغ أون.