بعد نحو عقدين عن رحيلها.. من قتل الفنانة التونسية الراحلة ذكرى محمد؟

خاص-“الموندو”-صابرين الدشراوي-صحفية تونسية- بثمانين رصاصة اخترقت أماكن متفرقة من أجسادهم، اختار أيمن السويدي وضع حد لحياة زوجته الفنانة التونسية ذكرى محمد رفقة مدير أعماله عمرو الخولي وزوجته خديجة حافظ قبل أن يلحق بهم منتحرا برصاصة في فمه في واحدة من أكثر جرائم القتل الجماعي بشاعة وإثارة للغموض في تاريخ مصر.

من هي ذكرى محمد؟

تتمتع الفنانة التونسية ذكرى محمد بشخصية فريدة من نوعها ميزها صوتها الذهبي عن بقية الفنانات التي عاصرتهم كما ساهم طابعها الخاص وإحساسها المرهف في تصدرها الساحة الفنية العربية.

جوهرة فنية رحلت باكرا وتركت أثرا عميقا في قلوب جماهيرها لتبقى أجمل ذكرى.

ولدت ذكرى محمد في 16 سبتمبر سنة 1966 في العاصمة تونس، وهي الأخت الصغرى لـ7 أشقاء، بدأت مشوارها الفني في سن 14 حيث شاركت في برنامج المسابقات “بين المعاهد”، وفي سن 17 فازت الفنانة التونسية بالجائزة الكبرى في برنامج الهواة “فن ومواهب” بعد أداء باهر لأغنية المطربة أم كلثوم “الرضا والنور” لتبدأَ انطلاقتها الاحترافية في عالم الفن.

سجلت ذكرى محمد أول أُغنية لها بعنوان “يا هوايا” عام 1983 لتشارك إثرها في مهرجان قرطاج الدولي وتنضم إلى فرقة الإذاعة والتلفزة التونسية.

الانتقال إلى مصر

وبعد مسيرة فنية حافلة في بلادها مرورا بالمغرب ثم ليبيا، قررت ذكرى الانتقال للعيش في العاصمة المصرية القاهرة أين تألقت وأصدرت لسنوات متتالية أغان مختلفة باللهجة المصرية لقيت نجاحا باهرا على غرار “الأسامي” و”يوم ليك”.

وبعد سنوات من الاستقرار في مصر تزوجت ذكرى من رجل الأعمال المصري أيمن السويدي لكن حياتها انقلبت رأسا على عقب بعد زواجها منه.

فوفق شهادات بعض المقربين من ذكرى كانت حياتها الزوجية مليئة بالمشاكل والنزاعات، حيث كان زوجها مصابا بالشك والغيرة العمياء.

مشاكل ذكرى وزوجها لم تتوقف عند حد الغيرة وفق شهادات مقربين، ففي فجر 28 من نوفمبر عام 2003، استفاق الرأي العام العربي على خبر اغتيال المطربة التونسية على يد زوجها رفقة مدير أعماله وزوجته قبل أن ينتحر هو الآخر في واحدة من أبشع وأغرب الجرائم وأكثرها غموضا في التاريخ المصري.

80 رصاصة قتلت 4 أشخاص

80 رصاصة أطلقها أيمن السويدي يوم الجريمة على ضحاياه 25 أصابت ذكرى و29 صوبها نحو مدير أعماله عمر الخولي في حين استقرت 26 أخرى في جسد زوجته خديجة قبل أن يوجه فوهة رشاشه إلى فمه مطلقا رصاصة يتيمة منتحرا بها.

وبعد أشهر من التحقيقات الأمنية والقضائية أعلن النائب العام المصري أن أيمن السويدى ارتكب الجريمة عمدا مع سبق الإصرار والترصدكما أثبت تقرير الطب الشرعي تعاطيه رفقة مدير أعماله مخدر الحشيش قبل الحادث.

لم تلق الرواية الرسمية قبولا واسعا إلى يومنا هذا حيث لا يزال مقتل الفنانة ذكرى غامضا ومثيرا للشكوك، ليسنج مقربون من الفنانة الراحلة ووسائل إعلام عربية سيناريوهات عديدة.

“ذكرى شهيدة الحب وتحكّم السويدي”

هكذا تحدثت كوثر رمزي الممثلة المصرية الراحلة “المقربة” من ذكرى و”الحاضرة” على الساعات الأخيرة من حياتها.

السيناريو الأول، وفقا لشهادة رمزي، كان أيمن السويدي مشكاكا من الدرجة الأولى حتى أنه طلب من ذكرى أكثر من مرة اعتزال الغناء والابتعاد عن الشهرة والأضواء ولكنها كانت رافضة لتلبية هذا الطلب.

الممثلة المصرية الراحلة زعمت أنها قامت بزيارة الضحية ليلة الجريمة مشيرة إلى أن النقاشات الحادة التي اشتدت بين الزوجين بسبب غيرة أيمن الشديدة على زوجته وعدم تقبل شهرتها وحياتها الفنية وحبها لعملها أدت إلى وقوع الجريمة البشعة.

السيناريو الثاني المتداول يزعم أن إحدى الأغاني التي أدتها الفنانة الراحلة وانتقدت فيها النظام الملكي في السعودية كانت سببا في مقتلها.

ثالث السيناريوهات المتداولة أشار إلى تورط مباشر لجمال مبارك نجل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في قتلها، فبعد الثورة التونسية في شهر يناير جانفي 2011، أكد شفيق الدالي شقيق الفنانة الراحلة أن لديه ما يثبت تورط جمال مبارك في هذه الجريمة.

الدالي صرح لعدد من وسائل الإعلام بأن لديه شهادة مسجلة بالفيديو لأحد خبراء الطب الشرعي في مصر يؤكد فيها أن أيمن السويدي قُتِل بثلاث رصاصات ولم يمت برصاصة واحدة في الفم كما ورد في التحقيقات.

لم تفصح عائلة الفنانة الراحلة عن الأسباب التي قد تدعو جمال مبارك لفعل ذلك لكنها أكدت تعرضها لضغوطات من النظامين التونسي والمصري الأسبقين لطمس الحقائق وإخفاء أدلة تورطه في قتلها.

السيناريو الرابع وهو الأقرب للرواية الرسمية كشف أن الأزمة المالية التي كان السويدي يمر بها تسببت في حدوث هذه الجريمة، حيث قال زوج الراحلة ذكرى في وصيتِه لشقيقه الأصغر محمد “أحذرُكَ من التعامل مع مدير أعمالي عمرو الخولي لأنه سبب الخراب الذي حل بي وشجعني على الاقتراض من البنوك”.

مضيفا “..لا تنزعج إذا علمت يوما بأنني فارقت الحياة بسبب سوء حالتي النفسية من ناحية وكثرة ديوني ومطالبات البنوك.”

آخر هذه السيناريوهات المتداولة يزعم فيه البعض أن فتوى بإهدار دمها صدرت عام 2002 من الشيخ الدكتور إبراهيم الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى في الرياض كانت السبب في مقتلها.

حيث زعمت تقارير إعلامية بأن الخضيري أمر بإقامة الحد الشرعي بتنفيذ عقوبة القتل على ذكرى، بعد أن أُشيع أنها شبهت معاناتها في الفن بمعاناة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهو ما اعتبره كفرا يوجب حد الردة.

ولكن الفنانة التونسية الراحلة نفت صحة هذا التصريح فيما بعد، وقالت “هل أنا مجنونة لأقول هذا الكلام؟” لتنتهي الأزمة بعد أن برأَها مفتي مصر نصر فريد واصل.

سيناريوهات عديدة ظلت متداولة لسنوات طويلة، ليبقى لغز مقتل ذكرى غامضا إلى حد يومنا هذا.

شاهدوا الفيديو الخاص بـ“الموندو” حول اغتيال ذكرى

Adv

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى