قُدِّرَت ثروة سلطان بروناي حسن البلقية معز الدين، بـ20 مليار دولار، يأكلُ بملاعق من ذهب وتُطرز ملابسُه بالذهب والفضة منذ ولادتِه، كما لُقِّب بفضل ثرائهِ الفاحشِ واستعمالهِ الكثير للذهب بالسلطان الذهبي، بالتزامن مع تصنيفه من قبل مجلة فوربس الأمريكية في قائمة أغنى ملوك العالم.
وُلد السلطان الذهبي، في 15 من شهر جويلية يوليو عام 1946، وتلقّى تعليمه الثانوي في مؤسسة فكتوريا في العاصمة الماليزية كوالالمبور، قبل أن يتخرّجَ من الأكاديميةِ العسكرية الملكيّة في المملكة المتحدة عام 1967 ليتوَّجَ بعدها بعام كسُلطان 29 لدولة بروناي التي تسمّى أيضا بـ”دار السلام”.
تقعُ سلطنَةُ بروناي جنوب شرق آسيا وتبلغ مِساحتها الجملية 5765 كيلومتراً مربّعا، ويقطُنُها أكثرُ من 400 ألف نسمة وتُعدُّ المالاوية لُغَتُهَا الرسمية كما يتحدّثُ سكّانُها اللّغتين الإنجليزية والصينية، ويُعدُّ الدينُ الإسلامي دينَ الدولة الرسمي في حين يعتَنِقُ ثُلُث سكّانها دياناتٍ أخرى على غرار البوذية والمسيحية.
تعدُّ بْرُونَاي واحدةً من أبرزِ الأماكنِ السياحية الجاذبةِ للسُّياح من كلِّ أنحاء العالم، حيثُ تُوجدُ بها أكبر صخرةٍ في العالم مصنوعةٍ من الذهب، كما يوجد بها “قصرُ إستانة نور الإيمان” وهو أكبرُ وأفخمُ قصرٍ في العالم ويسكُنُه السّلطان.
يقعُ القصرُ الفخم على ضِفافِ نهرِ بروناي جنوبَ العاصمة بندر سِري بِكَاوان، ويتكوّنُ من 1788 غرفة، معظم أثاثها مرصع من الذهب والفضة، كما يحتوي على 650 لوحة فنية، لا يقلُّ ثمنُ أرخصِها عن 150 ألف يورو.
يتطلبّ كُبْرُ القصْرِ وفخامتُه 24 ساعة لاستكشافِهِ والتجوّلِ فيه، كما تتطلّبُ كلُّ غرفةٍ به 30 لاستِكشافِهَا، وتوجدُ في القصر أيضا بُحيْرةٌ تضمُّ 10 أنواعٍ من الدلافين، بالإضافةِ إلى مسجدٍ كبير يتّسعُ لـ1500 مصلّي، كما يحتوي قصرُ السلطان الذهبي على مستودعٍ يتّسعُ لـ110 سيارة واسطبل كبير للخيول مع 7 مسابح و18 مصعدا لتسهيل التنقّلِ في أرجائِه.
لسُلطان بروناي 5 أبناء و6 بناتٍ من زوجتيْه الأولى الملِكة صالحة والثانية الملكة مريم، حيث كانت الملكةُ مريم قبل زواجها مُضيفةً للطيران لكن حياتها مع السلطان لم تدُم أكثرَ من 22 سنة، حيث طلَّقها عام 2003 ثم جرّدها من سائرِ ألقابِها الملكية، ليتزوّج عام 2005 من مُذيعةِ التِلفزيون الماليزية أزْريناز مزْهَر حَكيم التي تصغُرُه لـ32 عاما.
عائلةٌ مالكة تعيشُ حياةً استثنائيةً وسطَ الرفاهيةِ والبذخْ، جعلتهُم أشهَرَ مِن نارٍ على علَمْ، فسلطان بروناي يمتلكُ أكبرَ مجموعاتِ سياراتٍ خاصةٍ في العالم يتجاوزُ عددُها 1900 سيّارةٍ منها أكثرَ من 500 سيّارةٍ من نوع مَرسيديس، وأكثرَ من 300 من نوع فِراري ونحوَ 20 لَمبُرغيني وغيرِها من السياراتِ الفاخرةِ باهظةِ الثمن.
لم يكتف حسن البَلْقِية بجمعِ السياراتِ فقط، بل اشترى طائرةً من نوع بُوِينغ يستخدمها في تنقلاته الخاصة قامَ بترصيعِها بالذهب الخالص وفرشِها بأثاثٍ مطليٍّ بالذهب.
كثرةُ المال وجاهُ السلطة ساهما في أن يوسّع السلطان دائرةَ مُمتلكاتهِ في مختلفِ أنحاء العالم، حيث يمتلكُ أفخمَ الفنادقِ في أهمِّ مُدُنِ وعواصِمِ العالم على غرار لُندن ولُوس أنجلوس وباريس وميلانو وروما، كما يمتلكُ مزرعةً كبيرةً في أستراليا تفوق مِساحتُها دولة بروناي.
لم يقتصِر البذخُ على المُمتلكات فقط، فأشياءٌ كثيرةٌ غريبة قام بها حَسَنِ البَلْقِية وتحدَّثَ عنها كثيرون، كدفعِهِ لـ25 ألفَ دولار لإحضارِ حلّاقِه الخاص من لُندن إلى قصره في بروناي ليقُصّ له شعرَه، حيث استأجرَ له جناحا خاصا بطائرةٍ تابعة للخطوط الجوية السنغافورية، كما أمرَ بعزله في الطائرة لحمايته من إمكانيّةِ تعرُّضَهُ للعدوى بإنفلونزا الخنازير من قِبَلِ المسافرين.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فحفل الزفافِ الأسطوري الذي أقامهُ لابنته كان محور اهتمام وحديث الكثيرين، حيث ارتدَتْ خلاله العروسُ فُستانا مرصّعا بالكريستالِ والفِضة وشهِدَ حضورَ شخصياتٍ مهمة من مختلف البلدان.
غرائبُ السلطان واستِقطابُهُ للأنظار لم يتوقفا عند هذا الحد، ففي عيدِ ميلاده الخمسين والذي دام أسبوعين، استضاف السلطان ملك البوب “مايكل جاكسون” وتضمّنَ الحفلُ إقامةَ مأدبةِ عشاءٍ لنحو 3000 شخص، كما تم إحياءُ حفلٍ موسيقي خاص حضرَهُ مُعظمُ المشاهير من مختلف أنحاءِ العالم، بالإضافةِ إلى تنظيم مباراة بولو poloبمشاركة الأمير تشارلز أميرِ ويلز ووليِّ عهد المملكة المتحدة.
كانت العائلةُ المالكةُ في سَلطنة بروناي هي الأخرى تستغلُّ فُرَصَ الحفلات لتقديم شيء مُختلف، من بينِهَا إحضارُ مَلِكَاتِ جمالٍ من بُلدان مختلفة لتقديم عروضٍ خاصة.
إذن هكذا هي حياة سلطان بروناي الذي ملأت شُهرته الآفاق، بذخٌ وإنفاقٌ بدون حساب، أثاثٌ مرصع بالذهب، ملاعقٌ وملابسٌ مطرّزةٌ بالذهب وممتلكاتٌ تحتوي غالَبِيَّتُها على لمساتٍ ذهبية، لكن ورغم شهرتِهِ الكبيرةِ التي جعَلَتْ كلَّ مَنْ يَسْمَعُ عنه متحمّسا لمعرفةِ تفاصيلِ حياتِه وطريقةِ عَيْشه، تعرَّضَ سُلطانُ بروناي لانتقاداتٍ شديدةٍ بسبب التناقض العجيب الذي تكشِفُه الوقائعُ الواردةُ من هُناك.
فحين تُقارنُ طريقةَ عيشهِ مع الأوضاعِ المعيشيّةِ لأغلب سكّان الدولة، تَبرُزُ مُفارقاتٌ كبيرة، فقرٌ مُدْقِع، ومنازلٌ خشبيّةٌ تقليدية مهدّدة بالسقوط يعجَزُ سُكّانها عن إصلاحِها مما أثار عديدَ التساؤلات، فكيف لسلطانٍ وحاكمِ دولةٍ يعيشُ في رخاءٍ تامٍّ وبذخٍ شديد في وقت يعيشُ جزءٌ من شعبِهِ في الفقرَ والمعاناة.
لم تقِفِ الانتقاداتُ عِندَ هذا الحد بل تواصَلَتْ بعدما وضعَ السلطانُ عِدّةَ قوانينَ جديدة، حيث نصّبَ نفسَهُ مدافعًا عن الدين من خلال أمرهِ بتطبيق الحدودِ التي وردت في الشّريعةِ الإسلامية عام 2014.
وتضمّنت القوانينُ الجديدةُ التي سرعان ما تمّ إلغاؤُها بسبب الضغوطِات الدولية، عقوبةُ الرجمِ لمِثليي الجِنسِ ومُرتكبي الزِّنا خارجَ إطارِ الزواج، بَترُ اليد لمُرتكبِي السرقة، الموتُ لمرتكبي جرائم الاغتصاب وإهانةِ أو سبِّ النبيِّ محمّدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلم، الجَلْدُ للمُدانين بالإجهاض، حظرُ الاحتفالاتِ بالأعياد غير الإسلامية في الشارع واقتصارُها على الأماكِنِ الدينية الخاصة بالمسيحية، فرض عقوباتٍ على الصحفيين تصل لثلاثِ سنواتٍ في حالِ نشر أخبار كاذبة.
لم يتوقّف الجدلُ الدولي الذي أثارَهُ سلطان بروناي عند هذا الحد، حيث تعرّض الأخير إلى انتقادات شديدة من قبل سيدة أمريكية تُدعى “جُوليان لُوران”، تحدّثت بدورها عن جزء من حياة السلطان في كتابها الذي يحمِلُ عُنوان “بعضُ الفتيات: حياتي في الحريم”، حيث ادّعت لاورن في كتابها أنها كانت عشيقةَ شقيقِ السلطان لعام ونصف عندما كانت في 18 من عُمُرِها.
تقولُ الكاتبةُ الأمريكية إنه تم تقديمُها ذات ليلة كهديةٍ للسلطان في إحدى الحفلاتِ الخاصة، وبحسب لاورن فإن حسن البلقية كان يُمارسُ الزّنا ويشرَبُ الخمر في حفلاته، وهو ما لا ينطبق أبدا مع القوانين التي كان قد فرضها في وقت سابق، وبحسب مصادر إعلامية فقد كان سلطان بروناي وشقيقه جيفري، مشهوران بإنفاق ملايين الدولارات على الحفلات الفخمة وإدارة الحرملك في قصريهما.
كما سبق وأن زعمت تقاريرُ إعلامية أمريكية أنّ ملكةَ جمالِ الولايات المتحدة الأمريكية السابقة شانون ماركِتيك، قامت بمقاضاةِ السلطان وأخيه متهمةً إيّاهُما بإهانتِها وسجنِها لمدّة 32 يوما في قصر السلطان، لكن الشقيقان نفيَا هذه المزاعِمَ وقالا إنهما لم يلتَقِيا قط بماركتيك، قبل أن تحسم محكمة أمريكية الجدل بمنح الأخوين الحصانَةَ منَ الإجراءاتِ القانونية بسبب صفتيهما الدبلوماسية.
This post was published on 2023-05-07 10:41