خاص-“الموندو”-ترجمة مروى الجديدي- نشرت شبكة “دويتشه فيله” تقريرا حول “عصابة جولابي” الهندية التي تقودها مجموعة من النساء اللاتي يحاربن المغتصبين والعنف المنزلي المسلط على المرأة والمسؤولين الفاسدين والنظام الأبوي في الهند مرتديات الساري الوردي ومسلحات بعصي من الخيزران.
واستهل المقال بالإشارة إلى بداية هذه التجربة النسوية الفريدة عندما لمحت امرأة بسيطة تدعى “سامبات بال ديفي” تعيش في قرية في شمال الهند رجلا يضرب زوجته بلا رحمة، فحاولت أن تتدخل لحل المشكل وتجنيب المرأة المعتدى عليها مزيدا من العذاب، ولكن مبادرتها انتهت بنتائج عكسية ولم تسلم هي الأخرى من بطش المعتدي العنيف.
في اليوم التالي عادت هذه السيدة حاملة في يدها عصا من الخيزران صحبة خمس نساء أخريات وانهالت المجموعة على الرجل الأرعن بالضرب لتكلن له الصاع صاعين.
انتشر خبر الحادثة في وقت قصير وسرعان ما أصبح القرويون في تلك المنطقة يلقبون “سامبات” بالمحاربة.
قامت “سامبات” تدريجيا بتكوين مجموعة من المدافعات الشرسات على النساء المضطهدات في المنطقة واختارت ارتداء ساري وردي اللون للدلالة على “الأنوثة والقوة الباهتة.” ومن هنا جاءت تسمية “عصابة جولابي” أو عصابة الرداء الوردي.
وقالت “سامبات بال ديفي” لـ شبكة دويتشه فيله :”غالبا ما يعامل الرجال النساء كالأوساخ، خاصة في القرى الريفية حيث تكون معظم النساء أميات وليس لديهن معرفة بحقوقهن”.
أصبحت عصابة جولابي اليوم تضم أكثر من 300,000 محاربة منتشرات في جميع أنحاء القرى في ولاية “أتر برديش” الهندية، وافتتحت “سامبات بال ديفي” مدارس ومراكز تدريب للنساء حيث يتعلمن الخياطة ونسج السلال ومهارات أخرى لمساعدتهن على كسب المال وتحقيق استقلاليتهن المادية.
حُرمت “سامبات” من التعليم وتم تزويجها في سن الثالثة عشرة. وبعد أن أنجبت طفلتها الأول في سن مبكرة، عانت من سوء معاملة أهل زوجها الذين استمروا في تعنيفها بلا هوادة حتى أنجبت لاحقا مولودا ذكرا.
تعتقد سامبات أنه في المجتمع الهندي الذي يهيمن عليه الذكور منح النساء خيارا لكسب الرزق هو مجرد خطوة أولى في طريق صعب، إذ “تحتاج النساء إلى التعلم وتوعيتهن بحقوقهن حتى يتمكن من مقاومة الأزواج المسيئين الذين يحاولون جعلهن عبيدا للأعمال المنزلية وتجريدهن من كل أشكال الحرية”، حسب قولها.
وتلتقي “سامبات” يوميا بشابات تم تزويجهن قسرا من رجال أكبر سنا ويعانين من العنف المنزلي ويتعرضن للمضايقات بسبب المهر المفروض عليهن، وهي نتيجة طبيعية لطريقة تفكيرالرجال الهنديين “الذين يخيل لهم أنهم أفضل من النساء لذلك يجب علينا أن نعدل هذا المفهوم الخاطئ”، حسب تعبير قائدة المجموعة.
بينما يتم تدريب أعضاء “عصابة جولابي” على استخدام عصي الخيزران و الاستعداد لاستعمالها ضد الرجال المستبدين، تقول “سامبات” إن وسائل الإعلام نسجت صورة خاطئة عن مجموعتها وقدمت المنخرطات في هذا النهج على أنهن لا يفعلن شيئا سوى الاعتداء على الرجال بهدف التسلية، مضيفة أنها “لا تؤمن بالعنف، لكن المرأة بحاجة إلى حماية نفسها والعصا هي وسيلة للدفاع عن النفس. ”
أما من ناحية أخري فقد تمكنت عصابة الرداء الوردي من الضغط على المسؤولين الحكوميين الفاسدين من خلال الكشف عن بعض الممارسات غير القانونية مثل سرقة القمح والأرز المخصصين لفقراء القرية.
تقاتل “سامبات” ومحارباتها لإحداث تغيير في جزء من العالم حيث يتفرد النظام الأبوي العميق والملاك الإقطاعيون بحكم الأرض والعباد،. وقد ألهمت قصتها “نيشتا جاين”، مخرجة الأفلام الوثائقية المقيمة في مومباي وأصيلة منطقة “بوندلخاند” التي شهدت تكوين النواة الأولى لعصابة جولابي.
قضت “جاين” عدة سنوات في صنع فيلم وثائقي أطلقت عليه اسم “عصابة جولابي”، والذي عُرض في مهرجان نيويورك السينمائي الهندي خلال دورته الرابعة عشر. ويتابع الفيلم الوثائقي النساء داخل إطار من المناظر الطبيعية الريفية الخلابة في ولاية “أتر برديش” حيث يروين الويلات التي تعرض لها وعايشنها.
وقد عبرت المخرجة عن إعجابها الشديد ببطلة فيلمها “سامبات بال ديفي” وعمق حسها النسوي، قائلة أن الوثائقي اعتمد على تقنية سرد دقيقة “حاولنا خلالها عدم إضفاء الطابع الرومانسي أو التبسيط أو البحث عن حل للمشكل”.
قوبل الشريط الوثائقي باستحسان كبير في الهند، ولكن أفصحت المخرجة في ذلك الوقت عن اعتقادها بأن الفلم قد لا يلقى صدى جيدا لدى الجمهور في الغرب لأسباب ثقافية. فعلى سبيل المثال يوجد مشهد في الفيلم تنصح فيه “سامبات” امرأة تعرضت للضرب من قبل زوجها بالعودة إلى المنزل، إذ تعتقد قائدة عصابة جولابي أن المكان المناسب للمرأة هو منزل زوجها.
وتقول في هذا الصدد: “ما هي الخيارات الأخرى التي تمتلكها المرأة إذا ما طردها زوجها؟ هدفي ليس اقتلاع النساء من المحيط الذي يعشن فيه ولكن أطمح لضمان مكانة كريمة لهن في منازلهن”.
أغرت قصة عصابة الرداء الوردي مخرجي بوليوود أيضا، وسرعان ما تم إنتاج فيلم سينمائي بعنوان “جولاب غانغ”.
وعلى الرغم من أن الفيلم كمنتج تجاري يعتمد على حبكة خيالية تتخللها حوارات حادة ومشاهد مؤثرة مع مقاطع عنف دراماتيكية إلا أن جوهر القصة ينبع من قصة كفاح “سامبات بال ديفي” المؤثرة.
This post was published on 2021-06-16 18:07