حذّر الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام، الشابي، من أن حكومة الفخفاخ ذاهبة نحو الانهيار والسقوط بسبب تصدّع مكونات الائتلاف الحاكم ووصولهم إلى طريق مسدود.
الشابي، نبّه أيضا في حوار خاص مع “الموندو” من خطورة ما تقوم به رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، من خلال محاولتها الثأر من الثورة وإعادة بناء المنظومة القديمة ومعاداة طموحات التونسيين وللثورة.
كما نفى الأمين العام للحزب الجمهوري، أن يكون له أيّ طموحات لخلافة رئيس الحكومة الحالي إلياس الفخفاخ، مذكّرا بأن حزبه كان قد أعلن تأييده له منذ تعيينه من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد في 20 جانفي 2020.
لا أعتقد أن هناك سرَا استثنائيا في عودتي إلى المشهد السياسي عقب الانتخابات، حيث أننا وقفنا في الحزب الجمهوري، على المسار الذي خضناه وعلى الأخطاء التي ارتكبناها وحمّلنا أنفسنا النتائج السلبية ولم نحمّلها للوضع العام ولخصومنا، وقلنا إن عدم تحقيقنا لما كنا ننتظره كان بسبب الأخطاء التي ارتكبناها، ولذلك وقفنا عليها وقمنا بتعديل توجّهنا وخطابنا وطريقة تواصلنا مع المواطنين، ووضّحنا بوصلتنا أكثر.
في السياق ذاته، نحن حزب وُلد ووُجد ليكون إلى جانب قضايا الناس الحيوية، نتابع الحياة اليومية ونحاول أخذ المواقف والمبادرات السياسية التي تكون في قلب الأحداث وإن كانت هناك عودة لما يسمّى بعودة “العهد الطويل” فيا حبّذا.
لقد ارتكبنا أخطاء سياسية كبيرة، نحن كنا حزبا من الأحزاب التي رافقت الثورة ومهّدت لها إلى جانب أحزاب ديمقراطية ومعارضة وطنية وحركة نقابية وحقوقية، وكنا نحن في قلبها كي لا أقول في طليعتها، وعندما انتصرت الثورة أعطت أفقا جديدة للعمل السياسي، وحاولنا التأقلم، فالعمل بعد الثورة هو عمل العثرات ولكن لم نستطع التحول من حزب معارض مقاوم لنظام الاستبداد والفساد إلى حزب قادر على تسيير دولة ديمقراطية وقادر على المنافسة في تسيير الدولة الديمقراطية. وهذا التحول لم نحققه بالكافي وقد حققه بعض منافسينا مثل حركة النهضة.
القول بأنني أطمح لخلافة إلياس الفخفاخ، غير صحيح، وهنا أذكّر بأنه منذ اتخاذ رئيس الجمهورية قرار تعيين الفخفاخ رئيسا للحكومة، كان حزبنا يعتبر أن هذا القرار صائب وأن رئيس الجمهورية اختار الخيار الأفضل من بين الأسماء المطروحة، وقد توسّمنا الخير في الفخفاخ وفي حكومته وقلنا إن الائتلاف الحكومي الحالي أفضل ما يمكن أن يتكون.
نحن واقعيون، وقلنا إنه إذا أردنا أن تتقدم بلادنا وتنجح وتكون لديها حكومة قادرة على معالجة القضايا أفضل من أن تبقى في صراعات ومناكفات سلبية بين الأحزاب، وقد دفعنا بكل ما لدينا لإعطاء الثقة للحكومة وقلنا إن علينا إعطاءها فرصة للشرعية الانتخابية كي تأخذ حظّها ولكن مع الأسف هناك صعوبات.
أما فيما يتعلّق بقولك بأن إلياس الفخفاخ “يترنّح” أقول لا، بالرغم من أن هناك أخطاء ارتكبها وصعوبات عرفها وهو على رأس حكومته. إلياس الفخفاخ ليس له حزب في البرلمان وليس زعيم أغلبية برلمانية وقد اختاره رئيس الجمهورية باعتباره الأقدر لرئاسة الحكومة، وكان عليه أن يكون عنصرا مجمّعا للائتلاف الحكومي ليقوده نحو فتح الملفات وتحقيق الأهداف. ولكن مع الأسف، وجد إلياس الفخفاخ ائتلافا حكومية في حرب أهلية ولا يمكن له ولا لأي عنتري في السياسة أن يقود حكومة تعيش حربا داخلية بهذا الحجم. وأذكّر بأن حركة النهضة تتهم حركة الشعب بأنها حركة انقلابية لا تؤمن بالديمقراطية وبأنهم شبيحة أنصار بشار الأسد وهي حليفتها في الحكم وهذا لا يستقيم، وحركة الشعب ترد بأن حركة النهضة فرع تنظيم الإخوان المسلمين في تونس وأن رئيس الحركة راشد الغنوشي ممثلهم وبأنها حركة مساندة للإرهاب، وهذا لا يستقيم بين مكونات ائتلاف يحكم مع بعضه.
أنا أطلب منك سحب كلمتك بأنني أكلت الصفعات، فلم يولد ولم يخلق بعد من يصفعنا حتى وإن كانت الصفعات رمزية، وتُقطع يده قبل أن تصل إلينا ويحاول صفعنا، والبعض ممن يعتبر أن رفضنا إعادة ابتلاع طعم الاستبداد والإقصاء الذي ناضلنا ضده والشعب التونسي انتصر للحرية والتعددية والديمقراطية وأصبح يختار من يحكمه هذا موضوع ثان. نحن في الحزب الجمهوري خسرنا الانتخابات ولدينا تحفظات عليها وعلى مناخها وعلى المال السياسي وانحياز الإعلام ولكن تلك هي اللعبة وقبلناها وقلنا إن تونس يجب أن تربح معركة الانتخابات والديمقراطية ونحن نتدارك أخطاءنا.
البعض يحاول إخفاء ضعفه بمقارعة حركة النهضة، ونحن نعتبرها حزبا منافسا لنا، نريد أن نربحها عن طريق الانتخابات لا عبر تصنيفها حركة إرهابية أو بإقصائها. عندما كانوا على عتبات النهضة، كنا نحن في بداية الانتقال الديمقراطي أول من وقف أمام الانحرافات التي تهدد المسار الانتقالي بقيادة حكومة الترويكا وحكومة النهضة، نحن وقفنا مع مدنية الدولة الكتلة الديمقراطية والحزب الديمقراطي التقدمي أمام المجلس الوطني التأسيسي بالإضافة إلى الصراع الذي خضناه ضد القوى السلفية وتعديل الفصل الأول من الدستور، وضد استقواء النهضة بالسلفيين.. خلافنا مع النهضة هو أن يكون لبلادنا دستور ديمقراطي وقد نجحنا في ذلك عام 2014، ومحاولة العودة لصراع الهوية اليوم، انتهى بكتابة الدستور.. وسبق لنا أن نبّهنا إلى أن الاتفاق بين النهضة وبين حزب نداء تونس لن يخدم التونسيين ولا الانتقال الديمقراطي…
البعض يحاول إخفاء ضعفه بمقارعة حركة النهضة، ونحن نعتبرها حزبا منافسا لنا
نحن لا نتمسّح على أعتاب أي أحد، فعندما كانت حركة النهضة محل قمع ومتابعة من نظام بن علي، كان مقرّ الحزب يدافع عنها.. واليوم وعوض تصدير مفاهيم الديمقراطية الجامعة للدول والنخب العربية حتى تكون التجربة التونسية رائدة، تحاول عبير موسي وحزبها، تصدير تصنيف السيسي الانقلابي ليتبنّاه البرلمان التونسي، يريدون جلب هذا المحور القائم على مناهضة الثورات العربية والديمقراطية ويريدون إدخال تونس إلى مناكفات هي في غنى عنها، هذه المرأة سليلة النظام القديم الذي قامت عليه الثورة ولم تتأقلم معها.
هناك من يظن أن معركتنا مع حركة النهضة معركة وجود وهذا خاطئ، فمعركتنا معها معركة تنافس على خدمة البلاد، على برامج سياسية وعلى الانتصار للديمقراطية والعيش الكريم.
لزهر الضاوي لم يكن مناضلا في عهد بن علي )قلّوا وقتاش انوليوا شرفة، قلوا كي يموتوا كبار الحومة(، لزهر الضاوي نظم في شبابه قصائدا عام 1978 وفي ثورة الخبز، وردّدتها الفرق الموسيقية المعارضة، لكن عندما اشتدّ القمع، اختفى الضاوي من المشهد السياسي في وقت بقي المناضلون الشرفاء المقارعين للاستبداد في الساحات العامة، ليعود بعد الثورة، لكن عندما يريد أن يزايد علينا، ويعتبرنا نتمسّح على حركة النهضة، اعتبرته عجلة خامسة لـ )كرّيطة الاستبداد(، مع الإشارة إلى أن الشعر الذي نظمه عنّي فضيحة، يسيئ للشعب وللغة العربية والسياسة ولنفسه، وأنا قد ذكّرته بأن لينين القائد العالمي للثورة اليسارية في العالم، قال إن هنالك مرض طفولي للشيوعية هي اليسارية، وهو مرض لا يرجى له شفاء، وأنا أتمنّى للسيد لزهر الضاوي الشفاء من هذا المرض.
في الحقيقة، أنا لم أسمع هذا الكلام الذي قاله عماد الدايمي، وأنا أعتقد أن أخلاقه أرفع من ذلك، وإذا ثبت هذا الكلام، فهو مخطئ تماما ولا يعرف اليسار، فاليسار هو مدرسة نضالية شرّفت تونس وقدّمت أجيالا وشبابا قدّم رحيق حياته من أجل استرجاع الشعب التونسي لحقوقه، شباب زجّ به في السجون بسبب وقوفهم ضد استبداد بورقيبة وقمع بن علي، شباب انتصر لقضايا الحرية والحق والمساواة، للشعب التونسي وحتى لخصومه، اليسار ناصر كل المظلومين في هذه البلاد من العائلة القومية إلى العائلة الإسلامية إضافة إلى الحقوقيين والنقابيين، لكن ككل التجارب، فإن تجربة اليسار التونسي شهدت بعض الانحرافات.
شكري بلعيد شهيد الوطن، ومن العيب أن يتكلم أحد فيه وفي ماضيه، الرجل أعطى حياته لأجل الانتقال الديمقراطي من وجهة نظره، ومن اغتالوا شكري بلعيد، كانوا يستهدفون الانتقال الديمقراطي في تونس، وأرادوا إدخال تونس في معركة دموية أفشلها التونسيون بفضل رصانتهم…
هذه قضية معلومة، وأنا كنت أتحفظ عن الحديث حول هذا المحور المعادي للانتقال الديمقراطي في تونس. وعندما قرروا العمل بوجوه مكشوفة ودون أقنعة وأصبحت وسائل إعلامية مثل (العربية، وسكاي نيوز والحدث) تحرّض التونسيين للخروج والتمرّد على مؤسسات الدولة والشرعية قلنا إن محور الإمارات، السعودية ومصر استهدف الثورات العربية منذ انطلاقها من تونس، والآن هناك تجربة فريدة حافظت على تماسكها وتحاول تحقيق النجاحات وهذا المحور يناصبها العداء ويحاول التدخل بطريقة أو أخرى لتعطيل هذا المسار ويريدون إقناع التونسيين بأن الحرية تعني الفوضى وأن الديمقراطية تعني الفقر والتخلف والتهميش، بينما نحن نريد القول إننا نجحنا في الانتقال الديمقراطي في ساق (الساق السياسية) والساق الثانية للنمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والتنمية الجهوية لا بد أن تكتمل.
كذلك نحن ضد المحور الإماراتي السعودي، لكن في المقابل ليس لنا أي انتماء لأي محور، لا القطري التركي ولا الفرنسي ولا الأمريكي، نحن في الحزب الجمهوري ولاؤنا لتونس وقبلتنا هي تونس، لا نعادي ولا نجامل ولكن من مصلحة تونس أن يكون لها موقف، بالتالي في هذه المحاور سواء بخصوص الأحداث في ليبيا أو من الثورات العربية أو في سوريا أو في لبنان أو في فلسطين أو في الصراع الداخلي في تونس، بوصلتنا هي تونس وقضايا الأمة العربية الإسلامية.
هذا تجاوز ثاني في حقي، الأول قلت لي صفعة والآن آداة طيعة، أنا من يجري معي الحوارات لا يتحدثون معي هكذا، ولكن سأجيبك، نحن تربّينا أحرارا على الحرية وضحينا من أجل قيمنا. بكل تواضع، نحن لم نمد أيدينا لأي أحد، أنا لا أقوم بالعمل السياسي كي تكون الإمارات سعيدة أو تعيسة، في 2013 انتصرنا للانتقال الديمقراطي، لدماء الشهداء في تونس، ثورتنا كانت معرضة للخطر، خرجنا وطالبنا بتصحيح المسار والمضي في انتخابات وهذا ما توافقت عليه كل القوى السياسية والرباعي الراعي للحوار، كانت هبّة وطنية ولم نكن نعمل لإسعاد الإمارات بل كنا نعمل على إسعاد الشعب التونسي بتصحيح مساره، في ذات الوقت، نحن في الحزب الجمهوري وأنا شخصيا كنا أول من أعلن في اعتصام باردو، تبرؤه ورفضه وتنديده بالانقلاب بما وقع في مصر من طرف السيسي على الإخوان المسلمين، لأنهم كانوا منتخبين، واعتبرت أنه استيلاء على الحكم، في نفس الوقت، كنا نطالب حكومة النهضة بالرحيل والذهاب إلى انتخابات ديمقراطية وذهبنا إليها وقبلنا بنتائجها والإمارات سعدت بالانقلاب في مصر ولكن نحن لا يهمنا ذلك فقد كنا ضد الانقلاب في مصر.
لا أريد الحديث عما يقع في البرلمان، حقيقة، هذا شيء يُندى له الجبين. قضايا وطنية نبيلة تصبح أداة صراع بين الأحزاب مثل اعتذار فرنسا واللائحة التي قدمتها عبير موسي بخصوص التدخل في ليبيا.. الصور التي يتم تعليقها لا تعبر عن مواقف وكنت أتمنى ألا يتم تعليق أي صورة في البرلمان.
محمد مرسي أول رئيس منتخب مدني لجمهورية مصر، وقع الانقلاب عليه ومات شهيدا في حبسه. والبرلمان التونسي وقف وقرأ عليه الفاتحة السنة الفارطة وهذا شرف لتونس. البرلمان للآن مع الأسف لم يتناول القضايا الحقيقية للشعب التونسي.
الفساد في تونس موجود، وهو من الأسباب التي أدّت إلى سقوط نظام بن علي لأنه كان راعيا له. وكان الناس يأملون أن تقضي الثورة على الفساد. لكن مع الأسف، استغلّ الفساد ضعف الدولة واستقوى به، حيث كان سابقا مؤطرا ومحصورا في عائلة بن علي ولكنه أصبح هناك اليوم عدة مراكز للفساد.
مع الأسف السياسيون الذين تولوا الحكم بعد الثورة يتحملون مسؤولية كبرى في استغراق الفساد وفي التعاطي معه والتغاضي عنه لمصالح سياسية، وحركة النهضة تتحمل المسؤولية الأولى في ذلك لأنها أول من تولّى الحكم بعد الثورة: الترويكا الأولى والثانية وفي الحكم لاحقا عند تقاسم أعباء الحكم مع نداء تونس. حركة النهضة وحلفاؤها في الحكم لم يبذلوا أي جهد. فالنهضة حكمت تونس ولم تقض على الفساد ولم تقم بأي مجهود يذكر في ذلك، بل بالعكس، بحث الفساد على تطبيع أوضاعه مع السياسيين والأحزاب الحاكمة ونجح في ذلك وأصبح الفساد يهدد كامل الدولة التونسية، وقد كنا نحن في الحزب الجمهوري في طليعة الأحزاب وطالبنا بأن تخوض الدولة معركة ضد الفساد.
قبل كل شيء يجب معالجة الأزمة السياسية، فالتونسيون كانوا ينتظرون أن تقوم الحكومة بمعالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية وتواجه الاستحقاقات، لكن أحداث تطاوين الأخيرة وأحداث الكامور بيَنت أن النخبة الحاكمة والمعارضة في واد والشعب التونسي في واد آخر.
الشعب التونسي يدق على الأبواب بقوة، يطالب بقوت عمله وبالتنمية في الجهات، والنخبة تناقش القيام بجهورية ثالثة أو رابعة، تغيير الدستور والقانون الانتخابي، هل إن تنظيم الإخوان إرهابي أم لا، ليبيا، تركيا، قطر، الإمارات.. هم بصدد معالجة قضايا بعيدة عن الواقع، بينما الواقع في تونس لم يعد يصبر أكثر على هذه النخبة ويهدد بانهيار الأوضاع وهو ما أدى إلى مزيد تعفن الأزمة السياسية، كذلك هناك أزمة حكم في تونس فلدينا حكومة غير قادرة على مواجهة هذه التحديات ونتمنى أن تنجح لكن هذا الواقع، فكل مكونات الحكومة في حرب مع البقية…
هناك حقيقتان: الأولى أنه لا يمكن لأي حكومة اليوم أن تتشكّل بدون حركة النهضة، فمن يريد الحكم بدون مشاركة حركة النهضة في الواقع الانتخابي اليوم فإنه يسبح ضد التيار وضد التاريخ.
والحقيقة الثانية، أن حركة النهضة لا يمكنها الحكم مثلما حكمت في 2012، فالنهضة جزء من الحكم لا يمكنها الاستحواذ على البرلمان. لا يمكن أن يكون للنهضة البرلمان والقصبة في نفس الوقت وعليها القبول بأنها حزبا لديه 20 بالمائة فقط من أصوات التونسيين وعليها قبول ذلك والتواضع وعلى بقية شركائها في الحكم قبولها كشريك والعمل سوية.
حركة النهضة لا يمكنها الحكم مثلما حكمت في 2012
كذلك من غير الممكن لحركة النهضة قيادة حكومة إلياس الفخفاخ وقيادة تحالف فيه نبيل القروي وائتلاف الكرامة: هذا مشهد فريد في العالم. على النهضة حسم أمرها وتقبّل أن تكون جزءا من الحكم والبقية يقبلون بأن النهضة شريك في الحكم ليس أن تحكم معها اضطرارا دون تحالف.. إما تحالف وإما أن يكون الحل انتخابات سابقة لأوانها.
الرئيس قيس السعيد يحظى بشعبية غير مسبوقة ونجح في الحفاظ على شعبيته والابتعاد بنفسه عن الصراعات المدمرة والتافهة التي تخوضها النخبة والأحزاب السياسية وهذا يقنعه أكثر بأنه غير مقتنع بالنظام السياسي ونظام الأحزاب ويعطيه قناعة وهذا يعتبر بالنسبة له نجاحا.
بإمكان رئيس الجمهورية لعب دور أكبر وأنا أدعوه إلى أن يتدخل ويلعب دورا أكبر في حل الأزمة السياسية، فمن غير الممكن بقاء الوضع السياسي بهذا التعفن، كما لا يمكن لرئيس الجمهورية بالثقل والشرعية اللذين يمتلكهما وعدم تورطه في الصراعات الحزبية أن يبقى متفرجا على هذه الصراعات، فبإمكانه الضغط من أجل أن هنالك يكون حلا لمصلحة الانتقال الديمقراطي ولمصلحة تونس مع الأخذ بعين الاعتبار الحقائق الانتخابية والسياسية وأن يُخرج البلاد من أزمتها.
رئيس الجمهورية له بعض الأخطاء، هو رجل قانون وأستاذ قانون دستوري ربما يتقيد كثيرا بالألفاظ والعبارات لهذا سمّى ذلك بنظام حماية، لكنني أعتبر ما قاله قيس السعيد زلّة لسان ما كان ينبغي أن تُقال خاصة في فرنسا وهذه قراءتي.
الاستعمار ارتكب جرائم ومجازر في حق تونس وشعبها وثرواتها، عانينا من الاستعمار ودفع آباؤنا وأجدادنا دماءهم الطاهرة والزكية من أجل خروجهم من تونس وانتصرنا عليه وكانت معركة الجلاء آخر المعارك في بنزرت. الاستعمار الفرنسي مطالب بالاعتذار للتونسيين عن جرائمه وأن يعوض عن هذه الجرائم لكن في إطار رؤية مستقبلية فنحن لا نريد الدخول في حرب جديدة مع فرنسا، تريد أن تعتذر فرنسا في إطار تقوية العلاقات وأن تعترف وهذا ليس غريبا عن فرنسا بلد حقوق الإنسان والحريات أن يقبل بتغطية نخبته على جرائم الاستعمار. آن الأوان كي تعترف فرنسا لتونس، الجزائر ودول إفريقيا وأن تقوم بالتعويض لهم، لأنها أجرمت في حق هذه الدول ولكن هذا يكون كما قلت في إطار نظرة مستقبلية لبناء علاقات جديدة، نستفيد من أخطاء الماضي لتعزيز التعاون في المستقبل.
عبير موسي كانت أمينة عامة للحزب الدستوري الديمقراطي وأنا ضدها وضد حزبها وضد بن علي “والله أحد”، أنا ضد منظومة الفساد والاستبداد، لكن قوة الثورة التونسية أنها أعطت فرصة للنظام القديم وللسياسيين في النظام القديم حتى يشاركوا في بناء تونس جديدة، لم نقصهم، وحزبنا قال بأن الديمقراطية تتيح فرصة للجميع حتى يشاركوا في بناء تونس الجديدة. الكثير من الدساترة استوعبوا الدرس وهم الآن موجودون وشركاؤنا في الوطن، نختلف معهم ولكنهم يريدون التعبير عن رأيهم كوطنيين في بناء تونس الجديدة وهذا حقهم، أما من يريد إعادة إرساء المنظومة القديمة التي أطاحت بها الثورة فنحن نعتبره خصما وأولويتنا التصدي له. عبير موسي وحزبها الدستوري الحر يعطي أبشع صورة على الدساترة والتجمعيين، هم يريدون أخذ ثأرهم من الثورة وإعادة بناء نظام الاستبداد والفساد. الديمقراطية تحاسب على الأفعال وعلى الجرم، ربما قصرنا في المحاسبة لكن لا يجب القيام بعقاب جماعي وهذا ما رفضناه ونجحنا فيه.
عبير موسي جاءت لمحاولة الثأر من الثورة وإعادة بناء المنظومة القديمة وبهذه الصفة أنا أعتبرها معادية لطموحات التونسيين وللثورة ونعتبرها خصما للديمقراطية. التونسيون انتخبوها ولم ينتخبوني أنا، وهذه هي الديمقراطية أما استغلال ثقة التونسيين لمحاولة ترذيل الديمقراطية وضرب المؤسسة الديمقراطية من داخلها فنحن نقف في وجهه.
أنا أرفض هذا التشبيه، حذاري من تشبيه عبير بميّة، أنا لا أسمح لك بذلك حتى وإن كان ذلك من باب المزاح، لا أسمح لك بالإساءة لميّة، وإلا سينتهي الحوار هنا.. المقارنة فيها إساءة لميّة، هنالك رمزية لميّة وأنا لا أسمح أبدا بهذه المقارنة، بالنسبة لي، فإن الحزب الدستوري الحر وعبير موسي وأنصارها جاؤوا لتخريب الديمقراطية من الداخل، ولو “قلبت الفيستة” وانسجمت مع تونس الثورة لكان أفضل، أما بقاؤها مرتدية معطف “فيستة” الاستبداد والفساد نحبذ لو تنساه، كذلك فإن عبير موسي جاءت للعب دور في الحياة السياسية ونجحت في أخذ موقع البرلمان كما ينبغي وهذا حقها، هي تونسية وانتخبها التونسيون ولكننا لسنا متوافقين معها ونعتبر أن السياسة التي تقوم بها محاولة لإرجاع تونس إلى الوراء، وهذا صراعنا معها ومع كل من يحاول تدمير التجربة الديمقراطية في تونس…
لا أعلم بأنها مدعومة من الإمارات ولا أرمي اتهامات، وأما من يقول ذلك فعليه الإثبات، أنا لا أتهم أحدا إلا عندما تكون لدي الحجة وأرفض النزول إلى مثل هذا الخطاب…
هذه الحكومة واجهت صعوبات استثنائية خلال جائحة الكورونا ونجحت نجاحا كبيرا في العمل الذي قامت به، ولكن لم تتمكن من استثمار نجاحها نظرا للخلل البنيوي وسطها، فهنالك أشخاص غير قادرين على توظيف نجاحاتها، ثم جاءت قضية تضارب المصالح ومسّت من مصداقية الحكومة.
أعرف إلياس الفخفاخ وأنزهه عن النوايا السيئة، أساء ولم يتفطن ليقوم بواجبه في الإعلان والتخلي عن حصصه ولكن النية في السياسة لا تكفي. السياسة بالنتائج والأفعال، وفي الأداء السياسي وقعت بعض الأخطاء وفي بعض الأحيان خطيرة وتؤثر على المصداقية. أتمنى أن يقع تبرئة الحكومة من اللجنة البرلمانية. هذه عثرة للحكومة والمفروض أنها تنطلق في مواجهة المصاعب، وقد تم استغلال هذه العثرة من قبل خصومهم من الداخل، مثلا حركة النهضة سياستها في توسيع الحكومة وتعديلها يكون مدخلها شبهات تضارب المصالح. حركة النهضة مستعدة لبقاء الفخفاخ ولكن في إطار حكومة تتحكم هي في مسارها بإدخال حليفها قلب تونس. وفي بيان المكتب التنفيذي الأخير قالت بأنها ستراجع موقفها من الائتلاف الحكومي وهذا واضح بأنها تمارس الضغط العالي على إلياس الفخفاخ لإدخال قلب تونس.
أعرف إلياس الفخفاخ وأنزهه عن النوايا السيئة
بعد الثورة جاءت الفرصة للسياسيين لإدارة الدولة وإعطاء صورة ناصعة للسياسيين ولكن للأسف أهدروها، وإن تواصلت هذه الأزمة فبإمكان النهضة تقديم لائحة لوم لسحب الثقة من رئيس الحكومة ويجب أن يتحصل على 109 أصوات ويمكن لإلياس الفخفاخ المسارعة بتقديم استقالته ويكون بذلك رئيس الجمهورية من يقترح البديل ويقدم الشخصية الأقدر على رئاسة الحكومة. هناك صراع بين النهضة ورئيس الجمهورية، ولا يقع حل البرلمان إلا إذا استمرت تونس 4 أشهر دون حكومة، حينها يمكن لرئيس الجمهورية حل البرلمان والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها.
هناك صراع كبير بين حركة النهضة ورئيس الجمهورية، والنهضة ترى أن رئيس الجمهورية في مركز سياسي كبير وله شعبية كبيرة وهو يقف على نفس الأرضية الثقافية مع النهضة: الأرضية العربية الإسلامية التونسية. النهضة هي القوة الأساسية في تونس وتخاف أن تأتي قوة سياسية تنافسها، فرئيس الجمهورية لديه إمكانية خلق قوة سياسية تصبح الأولى في البلاد.
لا أتمنى السقوط لإلياس الفخفاخ ولكن الخطوات تتتابع.. مصير الفخفاخ بيد حزامه السياسي ولكن حزامه تفكك وبالتالي أعتقد أن الحكومة ذاهبة نحو الانهيار والسقوط ويبقى أمامها إما قبول التونسيين القوى الفاعلة للحكومة وإما الفوضى وانتخابات مبكرة.
القانون الانتخابي ليس قرآنا منزلا، جربناه ويمكن وضعه على طاولة الحوار والنظر في مكامن الخلل وما هو الأنسب لإعطاء تعددية وتوازن. نتوجه إليه بعد الاتفاق ويقع إحالته للبرلمان للتصويت عليه.
أنا مع مراجعة القانون الانتخابي والقانون المنظم للهيئة العليا المستقلة للانتخابات لأن دورها إلى حد الآن دور “شاهد ما شفشي حاجة” بينما عليها التدخل في تدفق المال الفاسد للانتخابات وإيقاف تدخل الإعلام الفاسد في الانتخابات والتدخل لكي توفر النزاهة والتساوي أمام القانون للمترشحين.
من ينتهي طموحه في السياسة يموت، ولكن طموح وليس طمعا، ونحن في الحزب الجمهوري لدينا طموح لخدمة البلاد وأن نكون في موقع نكون من خلاله قادرين على خدمة بلادنا وفق نظرتنا ووفق ما نراه صالحا بالبلاد. نطمح للمشاركة في الحكم لكن على قاعدة خياراتنا والتقاطعات الكبيرة التي يمكن على أساسها القيام ببرنامج يتوافق مع قناعاتنا. تونس اليوم في حاجة إلى توازن سياسي حقيقي، لأن الديمقراطية تقوم على التنافس والتوازن مفقود. حركة النهضة انتخابيا بصدد التقلص ولكنها الحزب الأول، تقريبا كل انتخابات يفقد 400 ألف ناخب، في المقابل القوى الأخرى تكاد تضمحل.
طموحي إعطاء الإطار السياسي للتونسيين الذي يقدم التنافس، التوازن والتداول لأن الديمقراطية هي حسن إدارة الحكم، هي تنافس لا تضادد. علينا إعطاء قوة ديمقراطية أصيلة، من خلال مواقف رصينة واعتدال وانتصار لتونس وللعدالة الاجتماعية وعندما نصل إلى استعادة دورنا في إطار جديد يوفر للشعب التونسي نكون تهادينا على نجاح الانتقال الديمقراطي والديمقراطية ولا يبقى رهين الصراعات في الغرف المغلقة.
الحزب الجمهورية بصدد الإصلاح وافتكاك مواقع وبناء قيادات جديدة وعليه أن يكون موجودا وقريبا من الناس. نريد أن تحمل القيادات الجديدة المشعل وأن ينتشر الحزب ويستعيد عافيته، إما كحزب أو في إطار توجه وطني جديد.
This post was published on 2020-07-15 14:33